الخلع.. إنصاف للمرأة أم إجحاف للرجل
 
في العام 2000، صدر قانون الخلع في مصر كتحول تشريعي جذري، كان يهدف في جوهره إلى منح المرأة مخرجًا آمنًا من زواجٍ لا تريده، دون الحاجة لإثبات الضرر أو انتظار سنوات طويلة من التقاضي. بدا القانون في لحظته الأولى وكأنه انتصارٌ للعدالة الاجتماعية، وركيزة لحماية كرامة المرأة.
 
لكن بعد مرور أكثر من عقدين، صار لزامًا أن نسأل:
 
هل ما زال الخلع أداة تحرير؟ أم أصبح – أحيانًا – أداة تدمير خفيّ… لكن للرجل هذه المرة؟
 
ما هو الخلع فعلًا؟
 
قانونًا، الخلع هو فسخ عقد الزواج بإرادة الزوجة، مقابل رد مهر الزوج والتنازل عن حقوقها المالية الشرعية (كالنفقة، والمؤخر، وأحيانًا الشقة). ويُفترض أن يتم عند استحالة العشرة، مع إقرار الزوجة صراحة بأنها لا تطيق الحياة مع الزوج، وأنها تخشى ألّا تُقيم حدود الله.
 
لكن في الواقع، صار الخلع يُستخدم أحيانًا لأسباب أقل خطورة بكثير:
– “مش مرتاحة”
– “زهقت”
– “مش حاسة بأي حاجة”
– “عايزة أعيش حياتي”
 
قد تكون هذه دوافع إنسانية، لكنها لا تصلح – دائمًا – لهدم بيت… خاصة حين يكون الزوج قدّم الغالي والنفيس لبناء هذا الكيان.
 
من يخسر في الخلع؟
 الإجابة: الزوج… وربما الأطفال
 
في معظم حالات الخلع، يخرج الزوج خالي الوفاض، لا لأنه أخطأ، بل لأن القانون لا يُلزِم الزوجة بإثبات الخطأ، ويُحمّله تبعات الانفصال وحده:
            • فقدان الشقة، التي يستمر حبسها لصالح الحاضنة.
            • نفقة الأطفال، وإن لم يكن له ذنب في الطلاق.
            • الحرمان من الحضانة، ومن “الرؤية” التي قد تتحول لعذاب نفسي.
            • صورة اجتماعية مشوهة، يتّهمه فيها المجتمع بـ”فشل الزواج”، حتى لو لم يخطئ.
 
وبينما تسير الزوجة نحو “بداية جديدة”، يُترك الزوج في مواجهة انهيار اقتصادي ونفسي واجتماعي قد لا يتعافى منه بسهولة.
 
هل فقدنا التوازن التشريعي؟
 
القانون وضع الخلع كـ”استثناء” لإنقاذ المرأة، لكنه تحوّل في كثير من الحالات إلى باب خلفي للهروب من الزواج دون مسؤولية.
 
المرأة تُقدّم دعوى… وتُنهى العلاقة في شهور. أما الرجل، فيظل يركض خلف “حقوقه كأب” لسنوات.
أين العدالة هنا؟ هل نقيس العدالة بالسرعة فقط؟ أم بمقدار ما تُنصف كل طرف دون تمييز؟
 
ثمّ إن تسوية الخلع تفترض أن الزوجة تردّ المهر فقط. لكن ما قيمة هذا المهر اليوم أمام ما دفعه الزوج من شقة، تجهيزات، مصاريف، استقرار؟ هل يُختزل كل ذلك في “جنيهات معدودة”؟ وهل من الإنصاف أن يُؤخذ الرجل بهذا الشكل، دون حماية قانونية؟
 
الشريعة لم تهضم حقوق الزوج
 
الإسلام لم يفرض الخلع عبثًا، بل اشترط شروطًا دقيقة:
            • أن يكون هناك ضرر نفسي لا يُحتمل
            • أن تُفتدي المرأة نفسها بما تستطيع
            • أن تُعرض المسألة على القضاء بميزانٍ من الحكمة
 
أما أن تُستخدم كأداة “تحلل من أي التزام”، فهذا تأويل خطر للنص الشرعي، لا يُناسب طبيعة المؤسسة الزوجية، ولا يحمي كيان الأسرة.
 
حين يصبح الزواج “مشروعًا قصير الأجل”
 
التوسع في استخدام الخلع بدون ضوابط خلق مفهومًا سلبيًا:
 
أن الزواج لا يحتاج إلى تفكير طويل، لأنه يُمكنك “الخروج” منه بسهولة متى شعرت بالملل. وهذا يُفرغ العلاقة من قدسيتها، ويحول “بناء الأسرة” إلى تجربة مؤقتة. وإذا ضُربت فكرة الاستقرار، فكيف نُربّي أبناءًا أصحاء؟
 
إلى أين نذهب؟
 
نحن بحاجة إلى مراجعة تطبيقات الخلع لا أصله. فالقانون جيّد في جوهره، لكنه يُساء استخدامه. ويجب أن يكون هناك:
            • رقابة قضائية أكثر جدية على مبررات الخلع
            • إعادة تقدير تكاليف الطلاق العاطفية والمادية
            • مراعاة دور الأب في الحضانة بعد الخلع
            • توازن في توزيع الحقوق والواجبات
 
كلمة أخيرة
 
لسنا ضد حق المرأة في الانفصال.
لكننا مع العدل الكامل، الذي يُنصف المرأة حين تُظلم، والرجل حين يُؤخذ منه كل شيء باسم “حقها في الحياة”.
فالحق لا يُؤخذ إلا بالميزان. وإذا اختلّ الميزان، لا يستقر بيت، ولا ينشأ طفل سوي، ولا يُبنى مجتمع عادل.
 
مجموعة الوصل القانونية ، محامون متخصصون في قضايا الأحوال الشخصية بخبرات تمتد لسنوات، ومئات القضايا الناجحة، ومواقف تفاوضية حساسة تُدار بأقصى درجات التحكّم والسيطرة النفسية.
نسعد دائما بتواصلكم معنا
العنوان: جمهوريه مصر العربية - الجيزة - الشيخ زايد - سنترادا مول، مكتب201

جميع الحقوق محفوظة © 2025 مجموعة الوصل القانونيه
تم التطوير بشركة لوجيك نيد ذ.م.م
Logic Need Co., LTD