ظلم المرأة
 
بقلم المستشار القانوني – مجموعة الوصل
 
في معارك الحياة اليومية، لا يمكن إنكار أن المرأة في مجتمعاتنا قد عانت – ولا تزال – من مظاهر متعددة للظلم. لكن المشكلة الكبرى لم تكن يومًا في القانون وحده، بل في العقلية التي تفسر القانون، وتُشكّله، وتُمارسه على الأرض. الظلم لا يولد من النص فقط، بل من الإنسان الذي يقرأ النص بعين مريضة، أو يحرفه لخدمة تصور منحرف عن “المرأة”، وعن مكانتها، وعن دورها.
 
حين نتحدث عن ظلم المرأة، لا ينبغي أن نقفز مباشرة إلى خطاب الضحية، بل نحتاج أولًا إلى تحليل مصدر هذا الظلم:
 
هل هو نقص تشريعي؟
أم خلل في التطبيق؟
أم عقلية سلطوية ألبست نفسها ثوب المروءة والولاية وهي تمارس القهر باسم “الستر” و”الحماية”؟
 
في مجتمعاتنا العربية، ورغم التطورات القانونية التي أعطت للمرأة كثيرًا من الحقوق، ما زالت ممارسات اجتماعية – مدعومة بعقليات مغلوطة – تُقصيها من اتخاذ القرار، وتمنعها من الإرث، وتجبرها على الصمت، وتُحمّلها وحدها نتائج الانهيار الأسري، وتجعلها مسؤولة حتى عن فشل الرجل أحيانًا.
 
القانون قد يمنح المرأة حق الطلاق مثلًا، لكنه يُواجه في بيئات كثيرة بثقافة تعتبر المرأة المطلقة “ناقصة”، أو “فاشلة”، أو “عالة”. القانون قد يسمح لها بالسفر، لكن تُجبر على أخذ إذن ولي لا يمارس أي ولاية فعلية في حياتها. القانون قد يُقر بحقها في الحضانة، ولكنها تُتهم بـ”الخروج على الطاعة” إذا طالبت ببيت يحضن أطفالها بعيدًا عن النزاع.
 
المفارقة أن بعض هذا الظلم يأتي من نساء أخريات. فكم من أم ربت ابنتها على الخضوع الأعمى، وكم من أخت قالت لأختها: “عيب تشتكي جوزك”، وكم من صديقة نصحت صديقتها بأن “تبلع الإساءة وتسكت”.
 
إن أخطر أشكال الظلم هو الذي يُمارَس تحت شعار: “احنا كده”، دون أن يُسأل: لماذا؟ ومن قال إننا يجب أن نظل “كده”؟
 
ثم هناك ذلك الخطاب الديني المغلوط، الذي اجتزأ نصوصًا من سياقها، ورفع شعار الطاعة الزوجية بشكل أقرب إلى العبودية منه إلى الشراكة، واستدعى فقهًا متشددًا من عصور معينة ليُطبّقه على نساء يعشن اليوم في القرن الحادي والعشرين.
 
المرأة لا تُنصف بخطبة على المنبر، بل ببيئة قانونية ومجتمعية تُعترف فيها بإنسانيتها الكاملة، لا ككائن “ناقص عقل ودين” كما يرددها الجهلة، بل كمواطنة، وشريكة، وعقل مستقل له اختياراته.
 
حين تُمنع المرأة من التعلم أو العمل أو التملك – رغم أن القانون يجيز ذلك – فالمشكلة في من يُعطّل القانون، لا في القانون نفسه.
 
وحين تُجبر على السكوت عن العنف خوفًا من “العار”، فإننا لسنا أمام مجتمع محافظ، بل أمام مجتمع يُغلف قسوته بورق التغليف الشرعي ليُخفي قبح ما يفعل.
 
إن إنصاف المرأة لا يعني تفضيلها على الرجل، ولا يعني تقويض دور الأسرة، بل يعني إعادة التوازن الذي فُقد حين احتكر الرجل القرار، وحُجبت عنها الرؤية، وأُجبرت على الطاعة دون فهم، وعلى الصبر دون كرامة.
 
المرأة لا تحتاج إلى عطف، بل إلى عدالة واعية.
عدالة لا تتعامل معها ككائن هش، ولا كعدو محتمل .... بل ككائن عاقل، له حقوق، وله صوت، وله إرادة.
 
إن الثورة الحقيقية ليست في قانون جديد، بل في عقل جديد يفهم المرأة خارج قوالب الذل أو التقديس، ويمنحها مكانتها لا كأنثى فقط، بل كإنسانة كاملة الأهلية، كاملة الكرامة.
 
مجموعة الوصل القانونية ، محامون متخصصون في قضايا الأحوال الشخصية بخبرات تمتد لسنوات، ومئات القضايا الناجحة، ومواقف تفاوضية حساسة تُدار بأقصى درجات التحكّم والسيطرة النفسية.
نسعد دائما بتواصلكم معنا
العنوان: جمهوريه مصر العربية - الجيزة - الشيخ زايد - سنترادا مول، مكتب201

جميع الحقوق محفوظة © 2025 مجموعة الوصل القانونيه
تم التطوير بشركة لوجيك نيد ذ.م.م
Logic Need Co., LTD