من القوامة إلى التهميش:سلطة الأب التربوية
 
من القوامة إلى التهميش: كيف خسر الأب سلطته التربوية في ظل قوانين الأسرة الحديثة؟

بقلم: المستشار القانوني – مجموعة الوصل للمحاماة والاستشارات القانونية
 
في الزمن الذي أصبحت فيه الأم رمزًا مقدّسًا للتربية، والأب مجرّد مُموّل غائب عن القرار اليومي، تحوّلت منظومة الأسرة إلى مسرح لصراع غير معلن… لا يدور فقط بين الزوج والزوجة، بل بين رؤية تقليدية تعتبر الأب قائدًا وموجّهًا، ورؤية قانونية تُقصيه تدريجيًا عن المشهد، حتى وهو لا يزال حيًّا يعيش تحت سقف نفس البيت.
 
منذ عقود، كانت قوامة الرجل – كما نصّت عليها الشريعة – تستند إلى التزامه بالنفقة، وإلى دوره كربّ للأسرة، المسؤول عن التربية، وصياغة المبادئ، واتخاذ القرار في الشؤون الكبرى.
 
لكن مع تطور الخطاب القانوني، وتوسع مفهوم “تمكين المرأة”، وازدياد تدخل الدولة في تفاصيل الحياة الأسرية، أصبح دور الأب مُعلّقًا على “إذن من الأم” أو “رأي المحكمة” أو “حضانة الأم بعد الطلاق”.
 
 
التهميش يبدأ منذ الطفولة… ويتكرّس بالقانون
 
في كثير من الأسر، يبدأ التهميش منذ لحظة الميلاد:
يُسجل الطفل باسم والده… لكن لا يُسمح له باختيار نوع المدرسة.
يُحمّل الأب عبء المصروفات… لكن لا يُستشار في مناهج التربية.
تُشجَّع الأم على “التفرغ للأبناء”، بينما يُطالب الأب بالإنفاق بصمت.
 
وإذا حدث طلاق، يُقصى الأب تمامًا من الحياة اليومية للأطفال، ويُختزل حقه في “رؤية أسبوعية لثلاث ساعات في نادٍ عام”… كأنه زائر غريب.
 
هل هذا عدل؟
هل تربية الطفل شأن نسائي بحت؟
هل دور الأب يتوقف عند سداد المصاريف، ويُحجب عن بناء الشخصية وغرس القيم؟
 
 

الآباء لا يُحاكمون… بل يُقصَون
 
الأخطر أن كل محاولة من الأب للتدخل في التربية تُقابل باتهام جاهز:
            “أنت بتتدخل في حاجة مش بتاعتك”
            “الولد معايا، وأنا أدرى بيه”
            “هو مين اللي خد الحضانة؟”
 
حتى أمام المحاكم، تُعامَل مطالب الأب بالرؤية أو الاستضافة وكأنها نزوة، لا حق أصيل. وإذا طلب استضافة مطوّلة أو مشاركة في القرار، تبدأ حملة تشويه:
 
“ده عايز ياخده عشان ينتقم”،
“بيهددني بالولد”،
“مش مؤهل أصلاً يربّي”.
وهكذا يُحرم الأب من ممارسة دوره الطبيعي، ويُتهم بالتقصير لاحقًا إذا ضلّ الابن الطريق.
النتائج: أبناء بلا توجيه… ومجتمع بلا قدوة ذكورية
 
حين يُقصى الأب، لا تخسر الأم فقط شريكها… بل يخسر الأبناء مرجعهم الذكوري.
            • يفتقد الطفل نموذج القيادة الحازمة.
            • تُصاب الفتاة بخلل في فهم الرجل ودوره.
            • ويظهر جيل مشوّه، يظن أن الأب مجرّد حساب بنكي، أو ضيف شرف في الأسرة.
 
هذا ليس رأيًا اجتماعيًا فقط، بل واقع قانوني يُكرّسه التطبيق:
            • لا وجود لنظام استضافة حقيقي وفعّال في قوانين الأحوال الشخصية.
            • لا إلزام للأم بإشراك الأب في القرارات التربوية والتعليمية.
            • ولا آلية لضمان التواصل العاطفي السليم بين الأبناء والآباء بعد الطلاق.
 
دعوة إلى استعادة التوازن: القوامة ليست تمييزًا… بل مسؤولية مشتركة
 
لا أحد ينكر أهمية الأم، ولا يُقلل من عطائها العظيم.
لكن إقصاء الأب بحجة “حضانة الأم” أو “المرأة الأدرى” هو خرق لمبدأ الشراكة.
            • من حق الأب أن يُشارك في التربية، لا أن يُستدعى كمُتّهم كلما أبدى رأيًا.
            • ومن حق الطفل أن ينشأ في كنف رجل يرى فيه القدوة، لا مجرد رقم تحويل بنكي.
 
يجب إعادة النظر في قوانين الحضانة، وتكريس مبدأ “المسؤولية المشتركة”، وتفعيل الاستضافة الفعلية، ليست ترفًا… بل ضرورة لحماية الأسرة من الانهيار القيمي.
 
مجموعة الوصل القانونية ، محامون متخصصون في قضايا الأحوال الشخصية بخبرات تمتد لسنوات، ومئات القضايا الناجحة، ومواقف تفاوضية حساسة تُدار بأقصى درجات التحكّم والسيطرة النفسية.
نسعد دائما بتواصلكم معنا
العنوان: جمهوريه مصر العربية - الجيزة - الشيخ زايد - سنترادا مول، مكتب201

جميع الحقوق محفوظة © 2025 مجموعة الوصل القانونيه
تم التطوير بشركة لوجيك نيد ذ.م.م
Logic Need Co., LTD